اشكالية بناء الدولة الوطنية في المجتمعات التعددية العربية دراسة مقارنة بين لبنان والعراق

الملخص

 تواجه الدولة الوطنية في العالم العربي جملة من التحديات على مختلف الصعد، في ظل المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية. فالمرتكزات الأساسية للدولة الوطنية، وأبرزها تلك المتعلّقة بالسيادة والحدود والمواطنة، قد أثير حولها العديد من التساؤلات في ضوء تلك المتغيرات، ولا سيّما في الدول ذات المجتمعات التعددية. حيث برزت مسألة ادارة التعدّدية المجتمعية في العديد من المجتمعات غير المتجانسة في الدول العربية، كواحدة من أبرز التحديات التي واجهتها الدولة الوطنية لما لها من انعكاسات على تلك المتغيّرات. وعلى الرغم من أن التعدّدية المجتمعية تشكّل ظاهرة ملازمة لمعظم المجتعات البشرية، ويمكن اعتبارها أمرا طبيعيا في حياة الدول، الا أن النتائج التي قد تلحقها هذه الظاهرة في المجتمعات والأثار السلبية الناجمة عن عن سوء ادارتها قد جعل منها ظاهرة تهدّد كيان الدولة الوطنية وتزعزع استقرارها السياسي والاجتماعي والثقافي. لذلك تسعى العديد من الدول المعاصرة للعمل على احتواء التعدّدية المجتمعية وادارتها، عبر مجموعة من الأساليب التي يمكن من خلالها أن توازن بين مطالب مكوّناتها بالحفاظ على خصوصيتها وبين ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة واستقرارها. فالتنظيم السياسي والاجتماعي الذي تحتاجه الدولة ذات التعددية المجتمعية، يختلف عن ما يمكن أن يكون عليه في الدولة ذات المجتمع الموحّد. حيث تلجأ الأولى الى تبنّي آليّات دستورية وقانونية تلبي مطالب مكوّناتها المجتمعية  وتحافظ على خصوصيتها، عبر اعتمادها مجموعة من الضمانات التي من شأنها أن تشكّل عنصر الأمان بالنسبة اليها في اطار نموذج توافقي، والتي يقابلها طرح فكرة مشتركة تساعد على تأمين نوع من التلاقي بينها لضمان استمرار تعايشها ضمن الدولة الواحدة.